الإماراتقارّة آسيا

هل سمعت بقرية الجن أو البلدة المدفونة في الإمارات؟

قرية المدام

على بُعدِ حوالي كيلومترَين جنوب غرب منطقة (المدام)،قرابة 60 كيلومتراً من مدينة دبي تقع بلدةٌ صغيرة مهجورة تقشعرُّ لها الأبدان.هذه القرية التي هجرها سكانها بسبب اقتناعهم أنّها مسكونة بالجن والأشباح.

في هذه البلدة كانت تعيش قبيلة (قطبي)، وهي واحدة من القبائل الثلاث التي برزت في تلك الفترة وعاشت في ناحية (المدام)، ولسببٍ غير معروف حزمَ السّكان حقائبهم وتركوها منذ أكثر من عقدٍ مضى.القرية مهجورة بالكامل وفارغة تماماً إلا من أكوام الرمال وبعض الجمال التي تحرسها!

لا تزال أطلال المنازل القديمة مرئية باستثناء بعض المنازل التي غرقت بالكامل في بحر من الرمال، والتي تدفقت عبر النوافذ، وغمرت الساحات وقطع الأثاث.

يقول بعض الباحثين إن سكان القرية هجروها بسبب العواصف الرملية التي كان يمكن أن تجعلها غير قابلة للسكن
يقول بعض الباحثين إن سكان القرية هجروها بسبب العواصف الرملية التي كان يمكن أن تجعلها غير قابلة للسكن

وعلى بعد أقل من ساعة بالسيارة من مدينة دبي، عبر الحدود مباشرةً إلى الشارقة، تقع قرية تخلّى عنها سكانها لتواجه مصيرها وحيدةً تحت رحمة رمال الصحراء، وتضم صفين من المنازل، بالإضافة إلى مسجد لا يزال يحتفظ بشكله.

وهناك دلائل تشير إلى أن السكان قد أخلوا القرية على عجل، مثل الأبواب المفتوحة على مصراعيها، والأمتعة الشخصية المتناثرة. وقد أثارت تلك الأطلال العديد من الأساطير، والتي تفيد أن قرية المدام مسكونه بالأشباح، ما أجبر سكانها على هجرها هرباً من القوى الخارقة للطبيعة.

وجهة سياحية

لم يتبق أحد بالقرية ليروي حكايتها. ومع ذلك، أصبحت قرية المدام وجهة تستقطب المغامرين الباحثين عن الإثارة والتشويق.

وسرعان، ما أصبحت القرية موقعاً بارزاً للاستكشاف بين المقيمين بمدينة دبي.

وتقول المدونة البريطانية فانيسا بول، والتي وثقت أطلال القرية عام 2019، بعد أن اكتشف أصدقاء لها القرية خلال رحلتهم على الطرق الوعرة “لم تعد قرية المدام سرية”.

وتعد القرية المفتوحة للاستكشاف بمثابة نقطة جذب لكونها تضم كنوزاً مدفونة بالرمال تدعو عشاق الإثارة والغموض على اكتشافها.

تقع قرية المدام على بعد مسافة قصيرة بالسيارة من مدينة دبي. وتحظى القرية بشعبية كبيرة لدى المستكشفين، والمصورين، والمدونين.
تقع قرية المدام على بعد مسافة قصيرة بالسيارة من مدينة دبي. وتحظى القرية بشعبية كبيرة لدى المستكشفين، والمصورين، والمدونين.

وفي حديث بول مع موقع CNN بالعربية، أوضحت: “يُقال إن القرية قد بُنيت بسبعينيات القرن الماضي وسكنتها قبيلة الكتبي. فرغم أن هذه القرية هي الأكثر شهرة في الشارقة، إلّا أنه لا توجد تقارير تساعد على جمع القصة الحقيقية”.

وتقول بول إن معظم الأبواب مفتوحة على مصرعيها، بينما لا تملك منازل أخرى أبواباً من الأساس، كما تضم بعض المنازل فسيفساء رائعة”.

وتأمل بول أن تحتفظ القرية بغموضها النسبي، إذ تخشى أن تفقد القرية جمالها عندما تصبح مليئة بالأشخاص.

ويقول متحدث باسم “سياحة الشارقة”: “لا توجد خطط لتطوير قرية المدام كمنطقة جذب سياحي في الوقت الحالي على الرغم من أن الموقع يرحب بالزوار”.

وفي الوقت الحالي، لا يزال بوسعك الصعود إلى صفوف المنازل المهجورة واكتشاف كنوزها الدفينة.

وتتألف القرية من صفين من المنازل، حيث تتميز بلونها الأبيض الخارجي، وتعدد ألوانها الداخلية، مثل الأزرق، والأخضر، والأصفر، بالإضافة إلى وجود أعمدة مزينة بالفسيفساء.

ولا تتضمن القرية المنازل فقط، وإنما تحتضن مسجداً، لا تزال بداخله سجادات المصلين.

هل سكنتها الرمال أم الأرواح؟

وفي ظل الغموض الذي يحيط بقرية المدام، لا يوجد معلومات محددة حول سبب تخلي السكان عن القرية، لذلك انتشرت شائعات واسعة النطاق حول أسباب “خارقة للطبيعة”.

ويتشارك سكان القرى المجاورة أساطير عن جن شرير، يطارد قرية المدام، وتحديداً أم الدويس، وهي روح أنثوية تتمتع بعيني القط، ويدين عبارة عن مناجل.

يرى البعض أن سكان قرية المدام تخلوا عنها بسبب نقص البنية التحتية اللازمة مثل المياه والكهرباء
يرى البعض أن سكان قرية المدام تخلوا عنها بسبب نقص البنية التحتية اللازمة مثل المياه والكهرباء

وفي عام 2018، أجرت مؤسسة الشارقة للفنون استشارة عامة لتتبع تاريخ القرية.

وشاركت المؤسسة نسخاً من المقابلات التي أجرتها في المنطقة المحلية مع CNN، ومن بينها مقابلة مع رجل ادعى أنه تزوج في قرية المدام، مما يشير إلى أن القرية بنيت في منتصف السبعينيات.

وفي العديد من الحالات، يُرد سبب رحيل القرويين إلى العواصف الرملية الشرسة التي جعلت القرية غير قابلة للسكن.

ويأتي تفسير بديل من ياسر الششتاوي، أستاذ الهندسة المعمارية بجامعة كولومبيا، الذي درس على نطاق واسع إدخال “البيت الشعبي” في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ أواخر الستينيات، والذي يقول إن قرية المدام مثال نموذجي على البيت الشعبي، فهي مبنية على “نموذج مركب” مع مرفقات حول ساحات مفتوحة، وغرف قياسية.

لقطة لخزانة محطمة داخل بيت مهجور في قرية المدام. وقد أججت هذه المناظر المخيفة للأغراض المهجورة حكايات عن كون القرية مسكونة بالأرواح الشريرة

ويقول الششتاوي إنه تم تجميع بعض المساكن الجديدة بشكل سريع، بحيث لم تكن البنية التحتية قائمة دائماً، مما أدى إلى تخلي البدو عنها.
وتشير المقابلات التي أجرتها مؤسسة الشارقة للفنون إلى أن قرية المدام كانت تفتقر إلى الكهرباء.

وعلى الرغم من أنه لا يمكن حل لغز القرية المهجورة أبداً، إلا أن هناك العديد من المستكشفين الحريصين على التحقيق بأنفسهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى